فصل: ابتداء حال أبي عبد الله البريدي.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.ابتداء حال أبي عبد الله البريدي.

كان بداية أمره عاملا على الأهواز وضبط ابن ماكر لأن هذا الاسم بالموحدة والراء المهملة نسبة إلى البريد وضبطه ابن مسكوية بالياء المثناة التحتانية والزاي نسبة إلى يزيد بن عبد الله بن المنصور الحميري كان جده يخدمه ولما ولي علي بن عيسى الوزارة واستعمل العمال وكان أبو عبد الله قد ضمن الخاصة بالأهواز وأخوه أبو يوسف على سوق فائق من الإقتصارية وأخوه علي هذا فلما وزر أبو علي بن مقلة بذل له عشرين ألف دينار على أن يقلده أعمالا فائقة فقلده الأهواز جميعها غير السوس وجنا سابور وقلد أخاه أبا الحسن القرانية وأخاهما أبا يوسف الخاصة والأسافل وضمن المال أبا يوسف السمسار وجعل الحسين بن محمد المارداني مشرفا على أبي عبد الله فلم يلتفت إليه وكتب إليه الوزير بن مقلة بالقبض على بعض العمال ومصادرته فأخذ منه عشرة آلاف دينار واستأثر بها على الوزير فلما نكب اين مقلة كتب المقتدر بخطه إلى الحاجب أحمد بن نصر القسوري بالقبض على أولاد البريدي وأن لا يطلقهم إلا بكتابه فقبض عليهم وجاء أبو عبد الله بكتاب المقتدر بخطه بإطلاقهم وظهر تزويره فأحضرهم إلى بغداد وصودروا على أربعمائة ألف دينار فأعطوها.

.الصوائف أيام المقتدر.

ساره مؤنس المظفر سنة ست وتسعين في العساكر من بغداد إلى الفرات ودخل من ناحية ملطية ومعه أبو الأغر السلمي فظفر وغنم وأسر جماعة وفي سنة سبع وتسعين بعث المقتدر أبا القاسم بن سيما لغزو الصائفة سنة ثمان وتسعين وفي سنة تسع وتسعين غزا بالصائفة رستم أميرالثغور ودخل من ناحية طرسوس ومعه دميانة وحاصر حصن مليح الأرمني ففتحه وأحرقه وفي سنة ثلثمائة مات إسكندروس بن لاور ملك الروم وملك بعده ابنه قسطنطين ابن اثنتي عشرة سنة وفي سنة اثنتين وثلثمائة سار علي بن عيسى الوزير في ألف فارس لغزو الصائفة مددا لبسر الخادم عامل طرسوس ولم يتيسر لهم الدخول في المصيف فدخلوا شاتية في كلب البرد وشدته غنموا وسبوا وفي سنة اثنتين وثلثمائة غزا بسر الخادم والي طرسوس بلاد الروم ففتح وغنم وسبى وأسر مائة وخمسين وكان السبي نحوا من ألفي رأس وفي سنة ثلاث وثلثمائة أغارت الروم على ثغور الجزيرة ونهبوا حصن منصور وسبوا أهله بتشاغل عسكر الجزيرة بطلب الحسين بن حمدان مع مؤنس حتى قبض عليه كما مر وفي هذه السنة خرج الروم إلى ناحية طرسوس والفرات فقاتلوا وقتلوا نحوا من ستمائة فارس وجاء مليح الأرمني إلى مرعش فعاث في نواحيها ولم يكن للمسلمين في هذه السنة صائفة وفي سنة أربع بعدها سار مؤنس المظفر بالصائفة ومر بالموصل فقلد سبكا المفلحي باريدي وقردي من أعمال الفرات وقلد عثمان العبودي مدينة بلد وسنجار ووصيفا البكتمري باقي بلاد ربيعة وسار إلى ملطية فدخل منها وكتب إلى أبي القاسم علي بن أحمد بن بسطام أن يدخل من طرسوس في أهلها ففتح مؤنس حصونا كثيرة وغنم وسبى ورجع إلى بغداد فأكرمه المعتضد وخلع عليه وفي سنة خمس وثلثمائة وصل رسولان من ملك الروم إلى المقتدر في المهادنة والفداء فتلقيا بالإكرام وجلس لهما الوزير في الابهة وصف الأجناد بالسلاح العظيم الشأن والزينة الكاملة فأديا إليه الرسلة وأدخلهما من الغد على المقتدر وقد احتفل في الأبهة ما شاء فأجابهما إلى ما طلب ملكهم وبعث مؤنسا الخادم للفداء وجعله أميرا على بلد يدخله إلى أن ينصرف وأطلق الأرزاق الواسعة لمن سار معه من الجنود وأنفذ معه مائة وعشرين ألف دينار للفدية وفيها غزا الصائفة جنا الصفواني فغنم وغزا وسير نمالي الخادم في الأسطول فغنم وفي السنة بعدها غزا نمالي في البحر كذلك وجنا الصفواني فظفر وفتح وعاد وغزا بشر الأفشين بلاد الروم ففتح عدة حصون وغنم وسبى وفي سنة سبع غزا نمالي في البحر فلقي مراكب المهدي صاحب أفريقية فغلبهم وقتل جماعة منهم وأسر خادما للمهدي وفي سنة عشرة وثلثمائة غزا محمد بن نصر الحاجب من الموصل على قاليقلا فأصاب من الروم وسار أهل طرسوس من ملطية فظفروا واستباحوا وعادوا وفي سنة إحدى عشرة غزا مؤنس المظفر بلاد الروم فغنم وفتح حصونا وغزا نمالي في البحر فغنم ألف رأس من السبي وثمانية آلاف من الظهر ومائة ألف من الغنم وشيئا كثيرا من الذهب والفضة وفي سنة اثني عشرة جاء رسول ملك الروم بالهدايا ومعه أبو عمر بن عبد الباقي يطلبان الهدنة وتقرير الفداء فأجيبا إلى ذلك ثم غدروا بالصائفة فدخل المسلمون بلاد الروم فأثخنوا ورجعوا وفي سنة أربع عشرة خرجت الروم إلى ملطية ونواحيها مع الدمستق ومليح الأرمني صاحب الدروب وحاصروا ملطية وهربوا إلى بغداد واستغاثوا فلم يغاثوا وغزا أهل طرسوس بالصائفة فغنموا ورجعوا وفي سنة خمس عشرة دخلت سرية من طرسوس إلى بلاد الروم فأوقع بهم الروم وقتلوا أربعمائة رجل صبرا وجاء الدمستق في عساكر من الروم إلى مدينة دبيل وبها نصر السبكي فحاصرهم وضيق مخنقها واشتد في قتالها حتى نقب سورها ودخل الروم إليها ودفعهم المسلمون فأخرجوهم وقتلوا منهم بعد أن غنموا ما لا يحصى وعاثوا في أنعامهم فغنموا من الغنم ثلثمائة ألف رأس فأكلوها وكان من رؤساء الأكراد يعرف بالضحاك في حصن له يعرف بالجعبري فتنصر وخدم ملك الروم فلقيه المسلمون في سنة الغزاة فأسروه وقتلوا من معه وفي سنة ست عشرة وثلثمائة خرج الدمستق في عساكر الروم فحاصر خلاط وملكها صلحا وجعل الصليب في جامعها ورحل إلى تدنيس ففعل بها كذلك وهرب أهل أردن إلى بغداد واستغاثوا فلم يغاثوا وفيها ظهر أهل ملطية على سبعمائة رجل من الروم والأرمن دخلوا بلدهم خفية وقدمهم مليح الأرمني ليكونوا لهم عونا إذا حاصروها فقتلهم أهل ملطية عن آخرهم وفي سنة عشرة أهل الثغور الجزرية مثل ملطية وفارقين وآمد وأرزا يستمدون الممقتدر في العساكر وإلا فيعطوا الأتاوة للروم فلم يمدهم فصالحوا الروم وملكوا البلاد وفيها دخل مفلح الساجي بلاد الروم وفي سنة عشرين غزا نمالي بلاد الروم من طرسوس ولقي الروم فهزمهم وقتل منهم ثلثمائة وأسر ثلاثة آلاف وغنم من الفضة والذهب شيئا كثيرا وعاد بالصائفة في سنته في حشد كثيرا وبلغ عمورية فهرب عنها من كان تجمع إليها من الروم ودخلها المسلمون فوجدوا من الأمتعة والأطعمة كثيرا فغنموا وأحرقوا وتوغلوا في بلاد الروم يقتلون ويكتسحون ويخربون حتى بلغوا انكمورية التي مصرها أهده وعادوا سالمين وبلغت قيمة السبي مائة ألف وستة وثلاثين ألف دينار وفي هذه السنة راسل ابن الزيداني وغيره من الأرمن في نواحي أرمينية وحثوا الروم على قصد بلاد الإسلام فساروا وخربوا نواحي خلاط وقتلوا وأسروا فسار إليهم مفلح غلام يوسف بن أبي الساج من أذربيجان في جموع من الجند والمتطوعة فأثخن في بلاد الروم حتى يقال إن القتلى بلغوا مائة ألف وخرب بلاد ابن الزايدني ومن وافقه وقتل ونهب ثم جاءت الروم إلى سميساط فحصروها وأمدهم سعيد بن حمدان وكان المقتدر ولاه الموصل وديار ربيعة على أن يسترجع ملطية من الروم فلما جاء رسول أهل سميساط إليهم فأجفل الروم عنها فسار إلى ملطيةو بها عساكر الروم ومليح الأرمني صاحب الثغور الرومية وبني بن قيس صاحب المقتدر الذي تنصر فلما أحسوا باقبال سعيد هربوا وتركوها خشية أن يثب بهم أهلها وملكها سعيد فاستخلف عليها وعاد إلى الموصل.